مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
لقد أنعم الله عز وجل على الإنسان بنعم لا نعد ولا تحصى، ومن أجل هذه النعم وأعظمها هذا الكتاب العزيز، يعلمه ويرشده، واصطفى له سيد البشر لأداء الرسالة المنوطة به، وقد احتفل المسلمون بهذا الوحي الكريم أيما احتفال، ورأوا من واجبهم اللازم خدمته، والتسابق إلى بيان كنوزه ودلالاته، وكان من فريق العمل الذي نشط لدرسه وتدبره ثلة من الأولين، عنوا بلغته، فلم يأكلوا جهدا في رعايتها وصيانتها، وما دفعهم إلى ذلك إلا رغبتهم في خدمة التنزيل العزيز، والتشرف بأن يكونوا إلى جانب مأدبة الله. وبحثنا هذا غيض من فيض، يلقي الأضواء على طرف يسير من هذه الخدمة، ولولا الإيجاز الذي اضطررنا إليه لاحتمل زيادة الكثير من الصفحات. وتعتبر هذه الورقات التي خصصتها لدراسة لغة البيان وما تميزت به من فرادة في نظامها الصرفي وما تألقت به في رسالتها البيانية، مساهمة بسيطة في خدمة هذا الكتاب العزيز، حيث دار موضوعها حول بيان روعة واستثنائية تلك اللغة التي اختارها الله عز وجل من بين لغات العالم لتكون وعاء كلامه ومهد رسالاته، لما اتصفت به من صفات، جعلها تكون الأجدر والأصلح لهذا الخطاب الرباني الخالد، فهي ترجمان القرآن، لأنها لغة حية خالدة متوافقة من معاني القرآن ومقاصده، تحمل في طياتها تجليات الإعجاز القرآني وعمقه الفكري، ومن خلال دراسة هذه اللغة وفهمها، نستطيع أن نتعرف على معاني القرآن وتحقيق الغاية من إنزاله.