مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
يمرُّ العالم تحت وطأة التطوُّر السريع الذي انتشر في مجالات متنوعة وكثيرة, إذ نندمج نحن بدورنا معه ضمن حياتنا العادية والروتينية ونتأثر بهِ، وبهذا التأثير المرتبط مع ما يحدث من تقدم تكنولوجي وتقني حديث, فأن تلك التقنيات بجميع أشكالها تتغيّر ضمن الظروف التكنولوجية المتاحة، فيتم إسقاطها بشكلٍ تلقائي على المجتمعات والمؤسسات بشكلٍ عام، وتعليمية بشكلٍ خاص, لذا يستوجب على الافراد أن يتسموا بالقدرة الواعية على فهم طرق إنشاء المواقع التعليمية التفاعلية لمختلف التقنيات القادرة على تشكيل فكر الفرد والمجتمع. وبسبب هذا التقدُّم والتغيُّر الذي يُمكِّن التكنولوجيا من الانتشار، أوجب علينا استخدام العديد من التطبيقات ووسائل الاتصال الإلكتروني واعتمادها لتحقيق قدر أكبر من الكفاءة في حياتنا عامةً، وفي التعليم خاصةً, نهدف من جزئية التعليم هو أن يتم تحسين مهارات الطالب و رفع كفائته وإمكانياته التقنية بشكلٍ مستمر لإنجاز الأهداف المرجوة منه, ومن الضروري أيضا إجراء مثل هذا التطوُّر والتقدم التكنولوجي, لتحقيق الهدف المطلوب للتكيف والتعايش معه لاستخدامه في كل من حقلي التعلُّم والتعليم (الصرايرة، 2012). حيث لم يعد التعليم في العصر الحالي – أو كما يُسمّى عصر المعلوماتية - مقصوراً على اكتساب المعرفة وتخزينها فقط، إنما الاهتمام بها وإنتاجها ونشرها وتوظيفها ثمّ الاستفادة منها، فيعد التعليم اللّبنة الأساسية في بناء و تربية الطلبة من نواحي مختلفة، كالعقلية والفكرية والوجدانية، وتأهيله للتعامل مع المعرفة والعلم بالشكل الصحيح ( المصري و شعت ,2017) وتعد التربية ذات الطابع المعرفي والتعليمي في هذا العصر فنُّ يهتم بالمعرفة والمعلومات ووسيلة للتنشئة الاجتماعية, حيث تعمل على ترسيخ الهوية والقيم، مما يسهم في إعداد جيلٍ مهذباً واعياً قادراً على التصدي لسلبيات مجتمعه، مغيراً لواقعه ليوفر له حياةً فضلى (مذكور، 2003). وأكدت العديد من الدراسات ومن ضمنها دراسة الدهشان (2016)، أنّ الحياة في العصر الرقمي تتطلب إعادة النظر في جوانب التربية بجميع أشكالها، وتعدُّ المُواطنة الرقمية مدخلاً مهماً للتربية ضمن هذا العصر، وتوصلت دراسة (Ribble، 2015)، إلى أنّ المُواطنة الرقمية تساعد في تعلم وفهم التكنولوجيا وتقنياتها المعقدة، وتحمي الفرد والمجتمع من أخطارها. ويعد التعلُّم الجزء الأساسي والمهم لأي مجتمع، حيث يحظى المُعلِم المُمارس لعملية التعليم والعمود الأساسي فيها باهتمام كبير من علماء ومشرفي ومختصي التربية، حيث يتم إعداد وتأهيل المعلم بكافة المعارف والمفاهيم والمهارات اللازمة وَالْمُوَسَّعَة لتساعده على رفع كفاءته وأدائه بالشكل المناسب والصحيح؛ لذا فإنّ تطور القطاع التعليمي مرهون بمدى قدرة المعلم على الأداء، إذ لا يوجد معنى لمنهاج، وأشراف، وتوجيه، دون وجود معلم مُعد بشكل صحيح ومؤهل وراضٍ ومتقبل لمهنته (سويلم، 2011). وأكد المهيرات والرقاد (2020) على أن مهمة ودور المعلم خلال عملية التعليم أن يكون المساهم والمساعد الأول لطلبته، ويكون المرشد والموجه لهم، ويجب عليه أن يعي أساليب ومهارات التكنولوجيا وتقنيتها الحديثة لمعاونة طلبته ومساعدتهم وتوعيتهم بكيفية التعامل معها لما لها من آثار سلبية تؤثر على الطلبة. ويشهد عالمنا تطوراً سريعاً في جميع مجالات الحياة، التي تتأثر بالمتغيرات التكنولوجية الحديثة بكافة أشكالها، وتمتاز هذه المتغيرات بالسرعة والانتشار، وهذا هو جوهر عصرنا، فأصبح العالم يعتمد تطبيق التكنولوجيا في كافة اتجاهاته العلمية والعملية والتعليمية، لذا أصبح من الضروري نشر ثقافة ومفهوم المواطنة الرقمية ضمن مجتمعاتنا بشكل عام ومجتمع التعليم بشكل خاص (عطية، 2014). ويمكن تعرdف المُواطنـة الرقميــة بأنّها عملية تدريب لإعداد وتهيئة الطلبة وتمكينهم بحماية أنفسهم من جميع أخطار التعامل مع التقنيات المستحدثة (الشهري، 2016)، ولا يدرج مفهوم المواطنة الرقمية ضمن المفهوم التقني وحسب، إنّما هي ثقافة واجب علينا تعزيزها وغرسها في نفس المستخدم الرقمي (مهدي، 2018). ومن وجهة نظر الباحثة تكمن أهمية المواطنة الرقمية لدى المعلمين في إعداد جيل مسؤول له القدرة على التعامل مع التقنيات الحديثة بشكل السليم، مكتسب السلوك الإيجابي لها، وذلك نظرا لتزايد مستخدمي التكنولوجيا خلال السنوات الماضية وخاصة أثناء جائحة كورونا وظهور الجرائم الإلكترونية والقرصنة بكافة أشكالها. لذا، يتّضح أنّ الدور الأكبر في تقوية مصطلح المُواطنة الرقمية يقع على عاتق المُعلِم بشكل خاص، لقربه من طلابه. بناءً على ما سبق، فإنّ هذه الدراسة تكشف وتبيّن درجة الوعي الذي يملكه كل من معلمي ومعلمات تربية البادية الجنوبيّة لمفهوم المُواطنة الرقْمِيّة، والتعرُّف على وجهات نظرهم كونهم أبرز قسم في منظومة التعليم.