مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
تعتبر نظرية السرد تلك الأداة أو الآلية التي نتمكن من خلالها بتحليل وتفكيك وتشريح ومقاربة النصوص السردية بمختلف أشكالها؛ الرواية القصة الحكاية المسرحية الأسطورة الخرافة... ومن الضروري الوعي بأن بزوغ نظرية السرد تزامن وتراجع الرواية الواقعية، لعدم قدرة هذه الأخيرة على مقاربة الرواية الجديدة التي ظهرت في أوروبا، ورواية ما وراء الخيال التي ظهرت في أمريكا ، وهذا لا ينفي قدرة نظرية السرد على مقاربة النصوص الواقعية أو الخيالية، لأن هاتين الخاصيتين لا تأثير لهما على مقاربة تستهدف النظر إلى الشكل والصرح المشيد للدلالات. وبالبحث في خاصية النظرية السردية (narrativité) نجد أنها ذات طابع بنيوي صرف وظفت في دائرة العمل النقدي، لتستهدف المقاربة الواصفة والتفاضلية والتحليلية للنصوص السردية، فبحسب مفهوم (ميك بال) : فهي الأسلوب أو الطريقة التي بها تفك شفرات النص، إذ يعتبرها "نظرية تهتم بمختلف أشكال المسرودات؛ سواء أكانت نصوصا أو أحداثا أو صورا أو قصصا، إنها النظرية المساعدة على فهم وتحليل كل المسرودات" ما يعكس اتساع مجال اشتغال النظرية السردية لتشمل التشكيلات الفنية، ما دامت تحمل أبعادا سردية ثاوية، تترجم وفق تطبيقات منهجية محكمة، لتكشف عن بناء وأسلوب حامل للدلالة بخصوصيته وتفرده، وعليه تكون السردية هي : العلم الذي يهتم بمظاهر الخطاب السردي، أسلوبا وبناء ودلالة . ولنقترب أكثر من هذه النظرية، يجب أن نبحث في منابتها وعن جدورها وفي كيفية بلورتها وإلى مدى امتداداتها، لأنها نظرية تطورت عبر مراحل وبمجهودات متضافرة انطلاقا من أبحاث الشكلانيين الروس على رأسهم (فلاديمير بروب) (1968 /1928)، مرورا بإنجازات ثلة من البنيويين التي توجت بالاشتغال بعلم الدلالة بقيادة (غريماس).