مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
يطرح موضوع الصورة الاشهارية إشكالين مركزيين: يتعلق أولهما بالصورة باعتبارها علامة أو مجموع علامات ( نص) تقترح نوعا من التشابه مع الواقع الخارجي الحسي، ثانيهما: ويرتبط بحقل الإشهار باعتباره خطابا للاقتصاد والتجارة والترويج والمنافسة والاستهلاك. واستدماج هذين المكونين يجعل من الخطاب الاشهاري أكثر الخطابات غموضا والتباسا -من جهة- وأقواها تداولا وانتشارا وإقناعا وهيمنة من جهة أخرى. إنه خطاب تتداخل في صياغة دلالاته سائر المجالات الفكرية والمعرفية، فهو مجال اللغة والفن والثقافة والفكر والايديولوجيا وعلم النفس والمجتمع والدين... ومن خلال كل ذلك يستمد الخطاب الاشهاري قوته وسطوته على الجماهير. إن وجهة نظر الدارس لهذا الموضوع -أو غيره- هي التي تحدد نوع المقاربة المنهجية التي سيتبعها، وبذلك فإن اختيارنا المنهجي في هذا المقال -كما هو واضح من خلال عنوانه- سيسير على هدى المقاربة السيميائية واللسانية لموضوع الصورة الاشهارية، باعتبارها ظاهرة تواصلية ونسيجا علاماتيا مركبا، ونصا دلاليا مستقلا من جهة، ومرآة تعكس السياقات السوسيو-ثقافية التي تنتج داخلها إرسالياته ويتم تداولها وتأويلها فيه من جهة أخرى. لقد اعتبرت السيميائيات -منذ زمن بعيد- الصورة الاشهارية ظاهرة تواصلية ودلالية بامتياز، ووسيط بين ما هو مادي (الصورة) وما هو ذهني مجرد (الفكر)، ومادامت حياتنا (اليوم) -أكثر من أي وقت مضى- غارقة في الصور – والاشهارية ضمنها- فإن الغاية من هذا المقال تتحدد في فهم كيفية قراءة الصورة الاشهارية، من خلال الوقوف على أنماط وتقنيات إنتاجها للدلالة وبنائها للمعنى ثم الاقناع من أجل دفع المستهلك للشراء والاستهلاك.