مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي

عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق

الإصدار الرابع عشر: 15 أكتوبر 2023
من مجلة العلوم الإنسانية العربية

الصحة النفسية وأثرها على تنمية الإبداع لدى طلبة المرحلة الأساسية في المدارس الحكومية في مدينة طوباس من وجهة نظر المعلمين والمعلمات

د. فخري مصطفى دويكات، ود. ايمان اشتيه
الملخص

تبعاً للعديد من الدراسات النفسيّة، فإن مكونات الإنسان الثلاث الجسديّة، والعقلية، والروحيّة تتفاعل وتؤثّر ببعضها البعض عند حدوث سلوك معيّن، ويكون ذلك السلوك في العادة ناتجاً عن مثير أو كاستجابة لدافع أدى إلى حدوث السلوك. بالرجوع تاريخياً إلى نظريات التربية الإغريقية، فإن الحديث عن ارتباط المكوّنات الإنسانية الثلاث المذكورة أعلاه قد اتخذ منحى جاد وهام سيطر على الأساس التعليمي في بناء الفرد من ناحية عقلية وجسديّة وانفعاليّة )وجدانيّة(، وقد وجّه افلاطون( 427 - 348 ق. م( خطابه إلى سقراط في كتاب "الجمهورية" مضمونه أن أفضل طريقة لبناء الإنسان هي التي تبنّاها أجدادهم في جعل الجسد مرهونة بتعليمهم الرياضة، وتربية الروح والوجدان مرهونة بتعليمهم الموسيقى والشعر.(نجيب، 2015، ص1) وللمؤسسة التربوية، سواء كانت المدرسة أو الجامعة، دورا في تحفيز الإبداع، عن طريق توفير معززاته وإزالة معيقاته، واتاحة الفرصة للحصول عل مخرجات متمّيزة من الطلبة تتسم بتوافقها مع الحالة الإبداعية القصوى، ولكي يتحقق ذلك فلابد أن تقوم المؤسسة بالعمل وفق أسس سليمة وتوفير الجو المناسب والبيئة الصحّة بالقدر المستطاع )حداد، 2010 ، ص169) وضعت العديد من تعريفات الصحّة النفسيّة، فقد تم تعريفها على أنها القدرة على العطاء والحب دون انتظار لمقابل، وتُفسر على أنها التوازن بين الغرائز، والرغبات الخاصة، والذات، والضمير، كما تم تعريفها على أنها القدرة على التأرجح بين الشك واليقين. )عكاشة، 2008 ،ص 124) في اجتماعيات التربية يكثر استعمال جملة الظروف والمؤثرات الاجتماعية المباشرة كالأسرة في تأثيرها على التفوق أو القصور الدراسي على اعتبار أنهما لا يظهران في عزلة عن تلك السياقات الاجتماعية والاقتصادية والتربوية...التي تشكل المناخ التربوي العام المساعد لإفراز التفوق أو القصور الدراسي. ونقصد بالمناخ في معناه الواسع ذلك الوسط المباشر والتأثيرات الاجتماعية والنفسية والثقافية والتعليمية والصحية التي يعيش فيها التلميذ ويتأثر بها. (رشوان ، 2005، ص33) إلا أن أهم المناخات وأكثرها تأثيرا على التحصيل الدراسي هو المناخ الصحي للطالب بحيث أن مستوى ثقافة الأسرة ومدى عنايتها في صحة الطالب تساعده في تحصيله الدراسي,وكذلك توفر المناخ الأسري المهيأ للتحصيل والقائم على التفاعلات الايجابية بين التلميذ ووالديه وأخوته فضلا عن الرعاية والتوجيه الايجابي الأسري للأبناء كلها ظروف وعوامل وجودها يؤدي إلى تحقيق التفوق. (رشوان ، 2005، ص34) وفي مسح أجراه كولانجيلو ودوتمان حول الدراسات التي تعرضت لأسر الطلاب المتفوقين مع الاهتمام بخصائص هذه الأسر والعلاقة بين الآباء والأبناء خلالها , وقد تبين أن اسر الطلاب المتفوقين تتميز بالاهتمام بالصحة النفسية للطلاب بتشجيع الاهتمامات والنشاطات الإبداعية وإعطاء الحرية الكافية للأبناء في اتخاذ قراراتهم وباتجاه ايجابي من قبل الوالدين نحو المدرسة والمدرسين والنشاطات العقلية وبمشاركة الوالدين في بعض النشاطات اللامنهجية او المنهجية للأبناء.( كولانجيلو و دوتمان، 2003، ص142) ويتعرض الأفراد في حياتهم إلى مشكلات وضغوط نفسية تفرض عليهم مطالب قد تكون مضادة لرغباتهم ، فالواقع يتطلب تقبلاً مستمراً ويتطلب أيضاً عملاً ومثابرة لإزالة هذه الضغوط وفهم المشكلات وتحقيق التوافق . وإن المشكلات النفسية والاجتماعية ترجع في الغالب إلى سوء توافق الفرد مع نفسه ومع بيئته ووسطه الاجتماعي بسبب الإحباطات وخيبات الأمل التي تعيق تحقيق الأهداف وإرضاء الحاجات النفسية الاجتماعية والجسمية، والمعلم كغيره من أفراد المجتمع له دوافعه وحاجاته الفسيولوجية والنفسية والاجتماعية التي يسعى لإشباعها لأن مدى تكيفه أو توافقه يتوقف على هذا الإشباع ، والذي يتخلله ويصاحبه صراعات نفسية اجتماعية متعددة تهيئ لظهور كثير من المشكلات النفسية والاجتماعية ، والتي تعيق المعلم من التوافق مما ينعكس سلباً على أدائه التربوي ودوره الاجتماعي واستقراره النفسي .(السلطاني،1994، ص191) يعد كل من الطلاب المتفوقون دراسياً والطلاب المتأخرين دراسياً من أفراد المجتمع الذين يلزمنا جميعا التعاون لتقديم الخدمات المناسبة لهما كل حسب ما يواجهه من مشكلات , ولتقديم المساهمة في تقديم الخدمات لهاتين الفئتين جاءت هذه الدراسة لدراسة بعض المشكلات النفسية التي يعاني منها الطلاب المتفوقين دراسياً والطلاب المتأخرين دراسياً بالمرحلة الأساسية.(الشيباني،2002،ص 256) . هذا ويعيش الطالب بين الأسرة و المجتمع والمدرسة، فالأسرة هي المدرسة الاجتماعية الأولى للفرد منذ طفولته وعبر مراحل حياته، وهي المسئولة الأولى عن التنشئة الاجتماعية، وتعتبر النموذج الأمثل للجماعة الأولية التي يتفاعل الطالب مع أعضائها ويعتبر سلوكهم نموذجاً يحتذيه، ومن العوامل الأسرية المؤثرة في الصحة النفسية للطالب : الصحة النفسية للوالدين والأخوة، وأساليب التنشئة ، والمستوى الاجتماعي الاقتصادي ، ومنها أيضاً العلاقات بين الوالدين والطالب، والعلاقات بين الأخوة، ومركز الطالب في الأسرة سواء كان وحيداً أو الأكبر أو الأصغر ... الخ ، لذا فالصحة النفسية في الأسرة تتطلب مناخاً أسرياً، يحقق الحاجات النفسية وتنمية القدرات وتعليم التفاعل الاجتماعي والتوافق النفسي والأدوار الاجتماعية وتكوين الاتجاهات ومعايير السلوك والعادات السلوكية السليمة.

تحميل الملف PDF