مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
لقد خصّ الله ﷻ المسجد بمكانة عظيمة فهو أفضل البلاد عنده: ﴿وَأنَّ المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا﴾ ، كما عظّم شأن مرتاديه ﴿في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة يخافون يوما تتقلّب فيه القلوب والأبصار﴾ . وإنّ رسالة المسجد لا تقتصر على إقامة الصّلاة، والذّكر، وتلاوة القرآن فحسب، بل تتعدّاها إلى تطهير النّفوس، وتنوير العقول، وتهذيب السّلوك، ونشر المحبّة والألفة بين النّاس... ولا مناص من تلقّي خطاب دينيّ مرّة في الأسبوع على الأقلّ، فحضور الجمعة واجب على كلّ مسلم﴿يا أيّها الّذين آمنوا إذا نودي للصّلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله﴾ ، والاستماع إلى الخطبة وحسن الإنصات إليها من أوكد الواجبات، إلّا أنّ هذا الخطاب يتفاوت من خطيب إلى آخر، فنجد الخطاب التّحريضيّ، والتّكفيريّ، والـمنفّر، والمتشنّج، وقلّما نجد الخطاب الدّينيّ المعتدل المؤثّر... ومن ثمّ وجب على المهتمّين بالشّأن الدّينيّ تطوير هذا الخطاب والرّقيّ به، لكي يحقّق أهداف الإسلام السّامية ومنها تعزيز التّعايش السّلميّ ومناهضة الكراهية، حتّى نوحّد الصفّ، ونحقّق الوئام في المجتمع. وفي هذا الإطار يتنزّل هذا المقال بعنوان: الحكمة والموعظة الحسنة لبناء خطاب دينيّ معتدل مؤثّر: إبراهيم عليه السّلام نموذجا. وقد قسّمت البحث إلى مقدّمة وفصلين وخاتمة. تطرّقت في المقدّمة إلى دواعي اختيار هذا البحث. ومن الأسباب الموضوعيّة لاختيار هذا الموضوع، الآتي:- ١- قوّة اتّصال رسالة الخطباء والعلماء بالأنبياء "إنّ العلماء ورثة الأنبياء"، فمرجعيّة الخطيب أنبياء الله ومن بينهم أبونا إبراهيم ﴿ملّة أبيكم إبراهيم﴾ . ٢- حاجة الخطيب إلى الحكمة والموعظة الحسنة المميّزة لخطاب إبراهيم لأبيه وقومه: ﴿ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة﴾ .