مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
الملخص
إنّ ابتداع مصطلح التجسيد هو اعتماده كتقنية نظّمَتْها المنهجية الأسلوبية لتتآذر مع علم اللسانيات وعلم الدلالة، والارتقاء بها واحلالها محل البلاغة في العملية التواصلية وتوليد المعنى الجديد لتثبت فصاحة اللفظة في موقعها والنموذج الأسلوبي بفعاليته في الأثر الأدبي، فإنّ اثبات فصاحة اللفظة يتمّ بشكل تصاعدي من الجرس المستساغ إلى ركنها الإسنادي وتبيان أثرها بالألفاظِ المجاورةِ وصولًا إلى تعاضد المستويات وتفسير المصطلح بالعلاقة الانفتاحية وتجسيد التجربة الإنسانية، فجاء التجسيد ليطعّم الألفاظ بالإيحاء الشعوري والحسيّ، وليجعل انتقاء اللفظ وتآلف الحواس من مقومات الشعر التي يدركها الدماغ، لتحطّيم قيود الهيكلية الواحدة. وعليه فإنّ الأبعاد التجسيدية للألفاظ تقوم على الانزياح وصدمة المتلقي، بالمقابلات أو المصاحبة لتشكّلَ ألفاظ الطبيعة والأسطورة ما يمكن ادراجه تحت مسمى حسن التوظيف، وبالتجسيد الذي يرتبط بالمفاهيم الكونية والأفكار النقدية يتم تغيير واقع الثقافة العربية باختراقُ الألفاظُ المجسّدةُ للعجزَ اللغوي من خلال علاقة المصاحبة والبنية الصرفية وبدمجِ الأسطورةِ بغيةَ الانفتاحِ الدلالي والتعبيرِ عن فكرةِ الوجودِ. فبإبداعِ الشاعرِ تجتمعُ اللفظةُ بالمعنى، وتُستقْصى الصورةُ البيانيةُ القائمةُ على العلاقةِ السببيةِ، فيصبح النحو نظامًا للعالمِ الخارجي والتجسيد وسيلة للتجديد تحاكي تطلعاتِ المجتمعِ، فأفضى إلى فكرة الإحياء والبعث ليحرّك التّناص بواعث هذه المفاهيم، ولتسمو العلاقةُ الاجتماعيةُ إلى المصافي الكونية، حيث يعبّر الشاعر عن الواقع الجديد المحفز على التأمّل لفهم العملية الإبداعية، من هنا تأتي دراسة الألفاظ والصّيغ المستعملة في الخطاب الشعري لتكشف عن الخصوصيات اللّغويّة، والاتجاهات التعبيريّة في شعر أدونيس، وعلى الخصوص في ديوانه" المسرح والمرايا"، الذي يمتاز عن سائر الشعراء المحدثين والمعاصرين باستعمال الألفاظ العربية استعمالاً يجعلها تتفجّر بالمعاني والدلالات، فتوحي ألفاظه بدلالات لا نعهدها في النّظام اللّغوي المعروف، ومن أهمّ التّقنيات الشعريّة عند أدونيس هي استعمال ألفاظ اللّغة العربيّة في التّجسيد، تتمحور الاشكالية التي طرحت في هذا الموضوع في السؤال الآتي: كيف تجسّدت كلّ تلك الطاقة في الألفاظ؟ وعليه عمدت إلى موضوع بحثي" التجسيد اللفظي في شعر أدونيس لاندراجه تحت الإطار اللغوي، و" تعاضد المستويات النحوية والدلالية فيه" (أيوب، 2011م، ص100 ). ليتبيّن كيف تجلّت اللفظة في ديوان أدونيس" المسرح والمرايا" بالنظر الى فصاحتها البنيوية. فهذا الشاعر يستعمل اللّغة العربية، لا لتعبّر عمّا تعبّر عنه في العادة، بل لتولّد معاني جديدة باستخدام تقنيات خاصة به لتفجير معان من ألفاظ اللّغة العربيّة، وبالمقابل نفترض أنّ تلك التقنيات تستند إلى وسائل بلاغية، وترميزيّة، من أهمها: التجسيد الذي يجمع في سيرورته بين المكوّنات اللّفظيّة، والدلالات النابعة من الصيغ النّحويّة. فالتجسيد عند أدونيس، كما نفترض، يعتمد على كل مستويات التّعبير اللّغويّة، من الصوت إلى النّص، مروراً بالدلالات اللّفظيّة، والتراكيب النّحويّة، والأبنية الأسلوبية