مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
وضع ابن خلدون الأساس الموضوعي لنوعٍ جديد من التفكير الاجتماعي تجاوز بصور جذرية طرائق التفكير الاجتماعي التي سبقته و تلك التي تلته بعدة قرون. تطور علم الاجتماع، الذي كان ابن خلدون واعياً بأنه يضع لبناته الأولى، في القرنين الأخيرين تطوراً مضطرداً نحو ضبط إصوله النظرية ومناهج بحثه التي تعقدت بدورها وتنوعت لتواكب تعقُّد المجتمع الانساني الذي أعادت صنعه ظواهر جديدة متضافرة مثل الثورة الصناعية وتقدم الرأسمالية والحداثة والعولمة وغيرها فأصبح أكثر تعقيداً بكثير من المجتمعات التي عاش فيها ابن خلدون أو قرأ عنها واستقى من ظواهرها الاجتماعية والسياسية والتاريخية المختلفة نظرياته العديدة. تهدف هذه الورقة إلى استعراض الصلة بين نظرية العصبية، أحد أهم معالم الفكر الخلدوني، مع نظرية التضامن العضوي والآلي عند إيميل دوركايم ونظرية المجتمعات الانقسامية لإيفانز برتشارد، حيث تحاجج الورقة بأن الأصول الفكرية الأولى لهذين النظريتين المهمتين في علم الاجتماع المعاصر تعود بصورة واضحة إلى التفكير الخلدوني. كما تجادل الورقة أيضاً بأن نظرية العصبية، التي أثرت كذلك في التطور النظري الحديث لعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا، لا تزال قادرة على إعطاء تفسيرات عن المجتمعات خارج نطاق الفضاء الغربي، لا سيما في كثيرٍ من مناطق القارة الأفريقية التي لا تزال تلعب القَبَلية دوراً هاماً في مجالها العام.