مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
تُحمى النصوص الدستورية من عصف التشريعات من خلال الرقابة على دستورية القوانين، وبالتالي وتُعد الدعوى الدستورية من الوسائل القضائية المحايدة والموضوعية والقانونية لضمان سمو الدستور وعلوّه على ما سواه ، فالرقابة على دستورية القوانين هي سلطة المحكمة المختصة في فحص مدى دستورية القانون الصادر من السلطة التشريعية ، من خلال ضمان عدم مخالفته للقواعد الدستورية. إذ تعد الرقابة على دستورية القوانين مسألة بالغة الأهمية، فهي الوسيلة الأساسية لتحقيق مبدأ المشروعية، كما أنها ضمانة من ضمانات الحرية واستقرار النظام القانوني . فإذا ما أصدرت سلطة من سلطات الدولة تشريعاً يتعارض مع نصوص الدستور، منتهكةً به حقوق الأفراد، ضاربةً عرض الحائط بحرياتهم التي تتفاخر الدساتير بخطّها بين نصوصها، كان لابد أن يكون مصيرها البطلان . ولمّا كان موضوعنا يقتصر على آثار الحكم الصادر بعدم دستورية القانون، ولمّا كان اتجاه المشرع الاتحادي في دولة الإمارات العربية المتحدة الأخذ بالرقابة القضائية على دستورية القوانين من خلال المحكمة الاتحادية العليا وهي رقابة امتناع وليست رقابة إلغاء مثلما هو الحال بالنسبة لبعض الدول، فإننا اقتصرنا بحثنا على الرقابة القضائية على دستورية القوانين، فهي الوسيلة التي يصدر بها حكم قضائي قد ينتهي إلى عدم دستورية القانون. مع العلم أن النطاق الزمني لهذا البحث هو القانون الاتحادي رقم (10) لسنة 1973 في شأن المحكمة الاتحادية العليا. وفي سبيل أن بحثنا الماثل عبارة عن دراسة مقارنة، فإننا اخترنا في ذلك نظام الولايات المتحدة الأمريكية لما قد يتقارب مع النظام بالنسبة للرقابة على دستورية القوانين في الدولة، فالولايات المتحدة أخذت كذلك بنظام الرقابة القضائية، وهي تراقب على دستورية القوانين من خلال المحكمة العليا الأمريكية ، وتمارس كذلك رقابة الامتناع وهي تشترك في هذين الجانبين مع اتجاه القضاء الإماراتي. حيث تجدر الإشارة إلى أن الحكم الصادر بعدم الدستورية من السلطة المختصة وهي المحكمة الاتحادية العليا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، هو حكم قضائي، صادر عن محكمة تنظر دعوى لها خصوم وموضوع، ومن ثم ينتج عنه آثار، هذه الآثار ما يتعلق منها بالنص القانوني الذي فصلت المحكمة في دستوريته، ومنها ما يتعلق بتنفيذ هذا الحكم الصادر عن المحكمة من حيث فورية أو رجعية أثره . والجدير بالذكر أيضاً أن مسلك دولة الإمارات العربية المتحدة في الرقابة على دستورية القوانين هي رقابة قضائية، تنتهي فيها الدعوى الدستورية بصدور حكم المحكمة الاتحادية العليا إما بتأكيد دستورية القانون أو إصدار حكم بعدم دستورية القانون وبالتالي الامتناع عن تطبيقه، إذاً هي رقابة امتناع وليست رقابة إلغاء. وفي سبيل دراسة ذلك يجب إدراك اختلاف آثار هذا الحكم وحجيته بناءً على اختلاف طريقة اتصال الدعوى بالمحكمة ونوعها سواء دفع فرعي أم دعوى مباشرة أصلية. كان مما يستوجب بدايةً بيان وسائل اتصال الدعوى الدستورية بالمحكمة الاتحادية العليا، ومن ثم مصادر هذا الاتصال أو نوع الدعوى.